فصل: جماع أَبْوَاب مَا هُوَ مُبَاح أَخذه للجيش إِذا احتاجوا إِلَيْهِ مِمَّا هُوَ خَارج من أَبْوَاب الْغلُول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذكر امْتنَاع الإِمَام من قبض الْغلُول من الغال تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وليوافى بِهِ الغال يَوْم الْقِيَامَة:

6451- حَدثنَا بَصرِي بن زَكَرِيَّا قَالَ: حَدثنَا على بن خشرم قَالَ: حَدثنِي عِيسَى بن يُونُس عَن عبد الله بن شَوْذَب عَن عَامر بن عبد الْوَاحِد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَرَادَ أَن يقسم غنيمَة أَمر بِلَالًا، فَنَادَى بِلَالًا فجَاء رجل بزمام من شعر بعد مَا قسم الْغَنِيمَة فَقَالَ: مَا مَنعك أَن تأتى بِهِ؟ فَاعْتَذر لَهُ، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لن أقبله مِنْك حَتَّى تكون أَنْت الَّذِي توافى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة».
قَالَ أَبُو بكر: روى هَذَا الحَدِيث:
6452- بَحر بن نصر عَن أَيُّوب بن سُوَيْد حَدثنَا عبد الله بن شَوْذَب عَن عَامر بن عبد الْوَاحِد عَن عبد الله بن بُرَيْدَة الأسلمى عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى، الله عَلَيْهِ وَسلم، كتب إِلَى بعض أَصْحَابِي أَن بحراً حَدثهمْ بذلك.

.ذكر مدح من ترك الْغلُول فِي سَبِيل الله:

6453- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل حَدثنِي زُهَيْر حَدثنَا وهب بن جرير قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: سَمِعت عبد الله بن ملاذ يحدث عَن نمير بن أَوْس عَن مَالك بن مسروح عَن عَامر بن أَبى عَامر الْأَشْعَرِيّ عَن أَبِيه أبي عَامر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نعم الْقَوْم الأزد والأشعرون لَا يفرون فِي الْقِتَال وَلَا يغلون هم مني وَأَنا مِنْهُم» قَالَ عَامر: فَحدثت بِهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ: هم مني وإليّ، فَقلت: لَيْسَ هَكَذَا حَدثنِي أبي وَلكنه حَدثنِي أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هم مني وَأَنا مِنْهُم» قَالَ: فَأَنت إِذا أعلم بِحَدِيث أَبِيك.

.ذكر الحكم كَانَ فِي الْأُمَم قبل أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتغليظ كَانَ عَلَيْهِم فِي الْغلُول وإحلال الله الْغَنَائِم لهَذِهِ الْأمة:

6454- أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا معمر عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غزا نَبِي من الْأَنْبِيَاء فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتبعني رجل كَانَ قد ملك بضع امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يَبْنِي بهَا، وَلَا أحد قد بنى بنياناً لَهُ وَلما يرفع سقفها، وَلَا أحد اشْترى غنما أَو خلفات وَهُوَ ينْتَظر ولادها، فغزا، فَدَنَا من الْقرْيَة حِين صلى الْعَصْر أَو قَرِيبا من ذَلِك، فَقَالَ للشمس: أَنْت مأمورة وَأَنا مَأْمُور اللّهم احبسها عني شَيْئا، فحبست عَلَيْهِ حَتَّى فتح الله عَلَيْهِ، فَجمعُوا مَا غنموا فَأَقْبَلت النَّار لتأكله فَأَبت أَن تطعم، فَقَالَ: فِيكُم غلُول فليبايعني من كل قَبيلَة مِنْكُم رجل، فَبَايعُوهُ فلصقت يَد رجل أَو رجلَيْنِ، أَو ثَلَاثَة بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُم الْغلُول، أَنْتُم غللتم، فأخرجوا مثل رَأس بقرة من ذهب فوضعوه فِي المَال، فأصابت النَّار فأكلته، وَلم تحل الْغَنَائِم لأحد من قبلنَا، ذَلِك بِأَن الله رأى عجزنا وضعفنا فطيبها لنا».

.ذكر فضل ترك الْغلُول رَجَاء أَنا يكون الْمُسلمُونَ الغالبين:

6455- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا عبد بن سعيد وَمُحَمّد بن عمر المعيطي قَالَا: حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْيحصبِي قَالَ: حَدثنِي أبي عَن حبيب بن مسلمة قَالَ: قَالَ لنا أَبُو ذَر: هَل يقوم لأحدكم الْعَدو حلب شَاة؟ قُلْنَا: نعم، وحلب ثَلَاث شِيَاه غزر أَو عزز شكا جَمِيعًا فَقَالَ: غللتم وَرب الْكَعْبَة سَمِعت رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِذا لم تغل أمتِي لم يقم لَهَا عَدو أبدا».

.جماع أَبْوَاب مَا هُوَ مُبَاح أَخذه للجيش إِذا احتاجوا إِلَيْهِ مِمَّا هُوَ خَارج من أَبْوَاب الْغلُول:

.ذكر الْأَخْبَار الدَّالَّة على إِبَاحَة أكل الْأَطْعِمَة من أَمْوَال أهل الْحَرْب:

6456- حَدثنَا على بن عبد الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن عون قَالَ: أخبرنَا هشيم عَن أَشْعَث عَن مُحَمَّد بن أبي المجالد قَالَ: بَعَثَنِي أهل الْمَسْجِد إِلَى عبد الله بن أبي أوفى أسئله كَيفَ صنع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَعَام خَيْبَر أخمسه؟ فَقَالَ: كَانَ أقل من ذَلِك كَانَ أَحَدنَا إِذا احْتَاجَ إِلَى شَيْء أَخذ حَاجته.
6457- حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا يحيى عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنِي حميد بن هِلَال قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن الغفل قَالَ: دُلي جراب من شَحم يَوْم خَيْبَر فَذَهَبت ألتزمه وَقلت: لَا أعطي الْيَوْم أحدا مِنْهُ شَيْئا، فَالْتَفت فَإِذا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبسم إليّ.
6458- حَدثنَا أَبُو ميسرَة حَدثنَا ابْن حَيَّان قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نصيب الْعَسَل وَذكر الْفَاكِهَة فِي مغازينا فنأكله وَلَا نرفعه.
6459- حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْفضل حَدثنَا الْجريرِي عَن أبي نَضرة عَن أَبى سعيد قَالَ: لم نعد أَن فتحت خَيْبَر وَالنَّاس جِيَاع فوقعنا فِي تِلْكَ البقلة فأكثرنا مِنْهَا، ثمَّ رَجعْنَا إِلَى الْمَسْجِد فَوجدَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحهَا فَقَالَ: «من أكل من هَذِه البقلة الخبيثة شَيْئا فَلَا يقربنا فِي الْمَسْجِد». فَقَالَ النَّاس: حرم الثوم، فَبلغ ذَلِك رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخرج فَقَالَ: «يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَيْسَ تَحْرِيم مَا أحل الله لَكِنَّهَا شَجَرَة أكره رِيحهَا».

.ذكر خبر دلّ على أَن أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقدور أَن تكفأ، لِأَنَّهُ كَانَ نهي عَن النهبة، لَا أَن أكل لُحُوم أنعام أهل الْحَرْب غير جَائِز:

6460- حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان حَدثنَا أَسد بن مُوسَى حَدثنَا يحيى بن زَكَرِيَّا ابْن أَبى زَائِدَة قَالَ: حَدثنِي أبي وَغَيره عَن سماك بن حَرْب عَن ثَعْلَبَة بن الحكم قَالَ: أصبْنَا يَوْم خَيْبَر غنما فانتهبناها فجَاء رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدروهم تغلي، فَقَالُوا: إِنَّهَا نهبة، قَالَ: فَقَالَ: «اكفوا الْقُدُور وَمَا فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تحل النهبة».

.ذكر الْأَخْبَار الَّتِي رويت عَن الْأَوَائِل فِي إِبَاحَة طَعَام الْعَدو وعلفهم:

أجمع عوام أهل الْعلم إِلَّا من شَذَّ عَنْهُم على أَن للْقَوْم إِذا دخلُوا دَار الْحَرْب غزَاة أَن يَأْكُلُوا طَعَام الْعَدو، وَأَن يعلفوا دوابهم من أعلافهم.
6461- حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة عَن سُوَيْد غُلَام سلمَان قَالَ: لما فتحت الْمَدَائِن وَهزمَ الْعَدو وَرجع سلمَان ورهط من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا سُوَيْد: عنْدك شَيْء نأكله؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْء وَلَكِنِّي خرجت فِي أثر الْعَدو فَأَصَبْت سلة مَا أَدْرِي مَا فِيهَا، قَالَ: هَات فَإِن يكن مَالا دفعناه، إِلَى هَؤُلَاءِ، وَإِن يكن طَعَاما أكلناه، فجَاء بالسلة فَإِذا فِيهَا أرغفة جواري وجبنة وسكين، قَالَ: وَذَاكَ أول مَا رَأَتْ الْعَرَب الْجَوَارِي، فعجبوا من بَيَاض ذَلِك الْخبز فَجعلُوا يَقُولُونَ: يَا سلمَان! كَيفَ يصنع هَذَا، فَجعل سلمَان يُخْبِرهُمْ ويلقي إِلَيْهِم الْخبز وَيقطع من ذَلِك الْجُبْن فَيَأْكُلُونَ.
وَمِمَّنْ رخص فِي الطَّعَام سعيد بن الْمسيب، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالشعْبِيّ، وَالقَاسِم، وَسَالم.
وَرخّص فِي الْعلف الْحسن الْبَصْرِيّ، وَالقَاسِم، وَسَالم، وَالشعْبِيّ.
وَالثَّوْري، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ.
وَرخّص مَالك بن أنس، وَاللَّيْث بن سعد، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالثَّوْري.
وَالشَّافِعِيّ فِي أكل الطَّعَام فِي بِلَاد الْعَدو.
وَذبح الْأَنْعَام من الْإِبِل، وَالْبَقر، وَالْغنم للْأَكْل جَائِز فِي قَول مَالك.
وَاللَّيْث بن سعد، وَجَمَاعَة من أهل الْعلم.
وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول: لَا يُؤْخَذ الطَّعَام فِي أَرض الْعَدو إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَقَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى: لَا يبْقى الطَّعَام بِأَرْض الْعَدو وَلَا يسْتَأْذن فِيهِ الْأَمِير بِأَخْذِهِ من سبق إِلَيْهِ، إِلَّا أَن ينْهَى الْأَمِير عَن شَيْء فَيتْرك لنَهْيه، وَكَانَ مَكْحُول يَأْكُل مِمَّا جَاءَ بِهِ أعوانه من الطَّعَام مِمَّا أَصَابُوهُ دون المسالح، وَلَا يَأْكُل مِمَّا جاؤا بِهِ فِيمَا خلف المسالح وَيَقُول: أصبتموه فِي عزة الْإِسْلَام.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد ذكرنَا مَا حَضَرنَا من الْأَخْبَار عَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْظِيمه أَمر الْغلُول والتغليظ فِيهِ، وَقَوله: أَدّوا الْخياط والمخيط، فَإِن الْغلُول يكون على أَهله عاراً وَنَارًا شناراً.
وَقَوله: هُوَ فِي النَّار، لصَاحب الكساء الَّذِي غله وَقَوله: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن الشملة الَّتِي غلها، الرجل يَوْم خَيْبَر لتشتعل عَلَيْهِ نَارا، ثمَّ ذكرنَا بعد ذَلِك الْأَخْبَار الدَّالَّة على إِبَاحَة أكل الطَّعَام ثمَّ مَا عَلَيْهِ حمل أهل الْعلم من عُلَمَاء الْأَمْصَار من إباحتهم أكل طَعَام الْعَدو، فالطعام هُوَ المرخص فِيهِ من بَين الْأَشْيَاء، والعلف فِي مَعْنَاهُ، فَلَيْسَ لأحد أَن ينَال من أَمْوَال الْعَدو إِلَّا الطَّعَام للْأَكْل، والعلف للدواب، وَكلما اخْتلف فِيهِ بعد ذَلِك من ثمن طَعَام بَهِيمَة، أَو فضلَة طَعَام يصل بِهِ إِلَى أَهله، أَو نعل، وجراب، وسقاء وحبل وَغير ذَلِك مَرْدُود إِلَى مَا أَمر برده من الْخياط والمخيط، وَقد روينَا أَخْبَارًا عَن الْأَوَائِل فِي مَنعهم من بيع الطَّعَام وَأخذ ثمنه، وأخبار رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيم ذَلِك مُسْتَغْنى بهَا عَن كل قَول.

.ذكر مَا روينَاهُ عَن الْأَوَائِل فِي كراهيتهم بيع الطَّعَام وَأخذ ثمنه:

6462- حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن عبد الله بن عون عَن خَالِد بن دريك عَن ابْن محيريز عَن فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ قَالَ: إِن هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَن يستزلونى عَن ديني، وَلَا وَالله لأموتن وَأَنا على ديني، مَا بيع مِنْهُ بِذَهَب أَو فضَّة من الطَّعَام وَغَيره فَفِيهِ خس الله وَسَهْم الْمُسلمين.
وَقد روينَا عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه قَالَ فِي بيع طَعَام الْعَدو: هُوَ غلُول حَتَّى يُؤَدِّيه، وروينا عَن عبد الرَّحْمَن بن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: كلوا لحم الشَّاة، ورُدوا إهابها إِلَى الْغنم فَإِن لَهُ ثمنا، وَبِه قَالَ اللَّيْث بن سعد.
وَكره الْقَاسِم، وَسَالم بيع الطَّعَام، والودك من منَازِل الرّوم، وَقَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى فِي الطَّعَام يُبَاع بورق أَو ذهب: لَا يحل هُوَ من الْمَغَانِم، وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الطَّعَام والعلف: إِن باعوه بِشَيْء رَفَعُوهُ إِلَى إمَامهمْ فَكَانَ فِيهِ الْخمس، وَقَالَ مَالك فِي الْعلف فِي أَرض الْعَدو، وَكره بَيْعه كَرَاهِيَة شَدِيدَة، وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الطَّعَام وَالشرَاب: يَأْكُلهُ ويشربه ويعلفه ويطعمه غَيره، وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ، وَإِن بَاعه رد ثمنه فِي الْمغنم، وَكره أَحْمد شرى الْعلف من علف الرّوم، وأبى أَن يرخص فِيهِ.

.ذكر النَّعْل يتخذها الرجل من جلد الثور والجراب يتخذها من الإهاب:

وَاخْتلفُوا فِي النَّعْل يتخذها الرجل من جُلُود الْبَقر والإهاب يتَّخذ مِنْهُ الجراب فَرخص فِيهِ بَعضهم.
6463- حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن عبد الله بن سَلمَة قَالَ: كَانَ سلمَان إِذا أصَاب شَاة من الْمغنم ذبحت أَو ذبحوها، عمد إِلَى جلدهَا فَجعل مِنْهُ جراباً، وَإِلَى شعرهَا فَجعل مِنْهُ حبلاً، وَإِلَى لَحمهَا فيقدِّدُه، فاستنفع بجلدها، ويعمد إِلَى الْحَبل فَينْظر رجلا مَعَه فرس قد صرع بِهِ فيعطيه، ويعمد إِلَى اللَّحْم فيأكله فِي الْأَيَّام.
وَقَالَ مَالك فِي جُلُود الْبَقر وَالْغنم يجدهَا السلمون فِي الْغَنَائِم: لَا بَأْس أَن يحتذوا مِنْهَا نعالاً إِذا احتاجوا إِلَيْهَا ويجعلوا مِنْهَا على أكفهم ويجعلوا مِنْهَا حزماً، ويصلحوا مِنْهَا أخفافهم، أَو يتخذوا مِنْهَا خفافاً إِن احتاجوا إِلَيْهَا.
وكرهت طَائِفَة وَمِمَّنْ كرهه يحيى بن أَبى كثير، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَالشَّافِعِيّ.
قَالَ الشَّافِعِي: لِأَنَّهُ إِنَّمَا أذن لَهُم فِي الْأكل من لحومها وَلم يُؤذن لَهُم فِي ادخار جلودها وأسمنتها وَعَلَيْهِم رده إِلَى الْمغنم، وَإِذا كَانَت الرُّخْصَة فِي الطَّعَام خَاصَّة فَلَا رخصَة فِي جلد شَيْء من الْمَاشِيَة وَلَا ظرف فِيهِ طَعَام، فَإِن اسْتَهْلكهُ فَعَلَيهِ قِيمَته، وَإِن انْتفع بِهِ فَعَلَيهِ ضَمَان حَتَّى يردهُ وَمَا نَقصه الِانْتِفَاع فأجر مثله إِن كَانَ لمثله أجر.

.مسَائِل من هدا الْبَاب:

وَاخْتلفُوا فِي أَخذ الإبرة من الْمغنم، فَقَالَ مَالك: الإبرة ينْتَفع بهَا أرى هَذَا خَفِيفا، وَقَالَ الشَّافِعِي: لَو أَخذ إبرة أَو خيطاً كَانَ محرما، وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي بقوله: أَدّوا الْخياط والمخيط.
قَالَ أَبُو بكر: وَبِه نقُول.
6464- حَدثنَا يحيى حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن بديل بن ميسرَة وخَالِد الْحذاء، وَالزُّبَيْر بن حُرَيْث عَن عبد الله بن شَقِيق عَن رجل من بَلْقَيْن قَالَ: أتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بوادي الْقرى يعرض فرسا قَالَ: قلت: مَا تَقول فِي الْغَنِيمَة؟ قَالَ: «لله خمسها وَأَرْبَعَة أخماسه للجيش». قلت: فَمَا أحد أولى بِهِ من أحد؟ قَالَ: «لَا، وَلَا السهْم نستخرجه من جعبتك لَيْسَ أَنْت أَحَق بِهِ من أَخِيك السّلم».
وَاخْتلفُوا فِي صيد الطير فِي أَرض الْعَدو فَقَالَ مَالك: إِذا اصطاد طيراً فِي أَرض الْعَدو فَبَاعَهُ أدّى ثمنه إِلَى صَاحب الْمقسم، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: مَا أَخذ من صيد لَيْسَ بِملك لأحد، فَهُوَ لآخذه.
وَقد روينَا عَن الْقَاسِم، وَسَالم أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرجل يصيد الطير فِي أَرض الْعَدو، وَالْحِيتَان: أَنه يَبِيعهُ وَيَأْكُل ثمنه.
وَقَالَ بكر بن سوَادَة: رَأَيْت النَّاس يَنْقَلِبُون بالمشاجب والعيدان.
لَا يُبَاع فِي قسم من ذَلِك شَيْء، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْحَطب يحتطبه الرجل فِي أَرض الْعَدو، والحشيش يحتشه: إِن بَاعه فَلهُ عَنهُ وَلَا خمس فِيهِ، وَقَالَ فِيمَا لم يحرزوه فِي بُيُوتهم نَحْو الشّجر، والأقلام، والأحجار، والمسن، والأدوية إِن لم يكن شَيْء مِنْهَا ثمن أَخذه من شَاءَ، وَإِن عالجه فَصَارَ لَهُ ثَمن هُوَ لَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء، قَالَ: وَكَانَ مَكْحُول يَقُول ذَلِك.
وَقَالَ الثَّوْريّ فِي ذَلِك: إِذا جَاءَ بِهِ إِلَى دَار الْإِسْلَام فَكَانَ لَهُ ثمن دَفعه إِلَى الْمقسم، وَإِن لمن يكن لَهُ ثمن حَتَّى عمله فعالجه أعْطى بِقدر عمله فِيهِ، وَكَانَ نَفَقَته فِي الْقسم.
وَفِي قَول الشَّافِعِي: مَا أَخذ مِنْهُ مِمَّا لم يملكهُ أحد فَهُوَ لَهُ دون الْجَيْش.
وَكَانَ مَالك يَقُول فِي أَخذ الشَّيْء من أَرض الْعَدو مثل حجر الرخام، والمسن فَفِيهِ سهل، لِأَنَّهُ لم ينل ذَلِك الْموضع إِلَّا بِجَمَاعَة الْجَيْش وَلَا أحبه، وَسَهل مَالك فِي السرج يصنعه مِنْهُ والنشاب.
وَقَالَ اللَّيْث بن سعد: حَدثنَا من أدركنا من مَشَايِخنَا أَن الرجل كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ينْتَفع بِشَيْء مِمَّا يَأْخُذ من الشّجر فِي أر فالعدو، أَتَى إِلَى صَاحب الْمَغَانِم فَألْقى إِلَيْهِ مِنْهُمَا ليتحلل بِهِ مَا يَأْخُذ من الشّجر ليعمله مشاجباً، أَو مَا أَرَادَ ثمَّ يَنْقَلِب بِهِ إِلَى أَهله.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: مَا كَانَ مُبَاحا لَيْسَ ملكه لآدمى، أَو صيد من بر أَو بَحر، فَأَخذه مُبَاح، يدْخل فِي ذَلِك الْقوس يقطعهَا الرجل من الصَّحرَاء، أَو الْحَبل، أَو الْقدح ينحته، أَو مَا شَاءَ من الْخشب وَمَا شَاءَ من الْحِجَارَة للبرام وَغَيرهَا، فَكل مَا أُصِيب من هَذَا فَهُوَ لمن أَخذه.
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: كل شَيْء أَصَابَهُ السلمون فِي دَار الْحَرْب لَهُ ثمن مِمَّا فِي عَسْكَر أهل الْحَرْب، أَو مِمَّا فِي الصَّحَارِي، والفيضان، والفياض فَهُوَ فِي الْغَنِيمَة لَا يحل لرجل كتمه، وَلَا يغله من قبل أَنه لم يقدر على أَخذه إِلَّا بالجند، وَلَا على مبلغه حَيْثُ بلغ إِلَّا بِجَمَاعَة أَصْحَابه. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مَا أصَاب فِي بِلَاد الرّوم مِمَّا لَيْسَ لَهُ هُنَاكَ قيمَة قَالَ: لَا بَأْس بِأَخْذِهِ.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا يوقح الرجل دَابَّته وَلَا يدهن أشاعرها من أدهان الْعَدو، لِأَن هَذَا غير مَأْمُور لَهُ بِهِ من الْأكل، فَإِن فعل رد قِيمَته، والأدوية كلهَا فَلَيْسَ من حِسَاب الْمَأْذُون لَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الزنجبيل مريباً وَغير مريب، والألباء طَعَام يُؤْكَل فلصاحبه أكله.
وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي الزَّيْت من زَيْت الرّوم يدهن بِهِ فِي بِلَاد الرّوم: إِذا كَانَ ذَلِك من صداع أَو ضَرُورَة فَلَا بَأْس، وَأما التزين فَلَا يُعجبنِي.